الخارجية : الدائرة العربية في قلب السياسة الخارجية المصرية خلال عام ٢٠٢٥
أصدرت وزارة الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج بيانا اليوم أوضحت فية ما قامت به الوزارة خلال هذا العام في مجال القضايا العربية مؤكدة أنة في إطار توجيهات فخامة السيد رئيس الجمهورية، وانطلاقا من الثوابت الحاكمة للسياسة الخارجية المصرية، واصلت مصر خلال عام ۲۰٢٥ اضطلاعها بدور فاعل ومسئول داخل محيطها العربي، بما يعكس مكانة مصر كركيزة للاستقرار الإقليمي وارتباطها الحيوي بقضايا الأمة العربية، ودعم مسارات التعاون والتكامل والتنمية، وصون الأمن القومي العربي في ظل بيئة إقليمية شديدة التعقيد.
وجاءت القضية الفلسطينية في صدارة أولويات التحرك المصري خلال عام ٢٠٢٥، حيث واصلت مصر الاضطلاع بدور محوري في إدارة وتعزيز مسارات العمل السياسي والإنساني المرتبطة بالأزمة في قطاع غزة، استنادا إلى رؤية متكاملة تقوم على الحفاظ على الحقوق الفلسطينية المشروعة، والتشديد على وحدة الأراضي الفلسطينية، ورفض أي محاولات للتهجير أو تصفية القضية. وفي هذا الإطار، ا القمة العربية الطارئة في مارس ۲۰۲۵، والتي أسفرت عن توافق عربي داعم للموقف الفلسطيني واعتماد الخطة العربية الإسلامية لإعادة إعمار قطاع غزة، كما شكل مؤتمر شرم الشيخ للسلام في أكتوبر ٢٠٢٥ محطة مفصلية في وقف العدوان واحتواء تداعياته، وذلك عن طريق إقرار وقف إطلاق النار عقب جهود الوساطة المضنية التي قامت بها مصر طول فترة الحرب. كما اضطلعت مصر بجهود موسعة مع الأطراف الإقليمية والدولية لتيسير نفاذ كميات ضخمة من المساعدات الإنسانية إلى القطاع علي مدار العام، حيث بلغ حجم المواد الغذائية المقدمة للقطاع (۲٤٧١١٦) طن، إضافة إلي (۱۰۱٦٤٨) طن من المستلزمات الإغاثية، و (٢٦٦٠٣) طن من الأدوية والمستلزمات الطبية. وواصلت مصر أيضاً تحركاتها السياسية والدبلوماسية المكثفة دعما للقضية الفلسطينية، وذلك عن طريق مشاركتها الفاعلة في اجتماعات التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين، فضلاً عن إسهام جهودها الحثيثة في حشد التأييد الدولي لإقامة الدولة الفلسطينية، وهو ما أسفر عن إعلان عدد من الدول المؤثرة اعترافها بالدولة الفلسطينية علي مدار العام.
اتصالا بالأزمة في السودان، واصلت مصر جهودها المكثفة لدعم وحدة السودان وسيادته واستقراره، حيث شهد عام ۲٠٢٥ زيارتين للفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، إلى القاهرة، إلى جانب تكثيف الزيارات الرسمية رقيعة المستوى بين الجانبين، وعلي رأسها قيام السيد وزير الخارجية بزيارتين إلي السودان، فضلاً عن انعقاد اجتماعات اللجان المشتركة وفي مقدمتها لجنة التشاور السياسي بين وزارتي خارجية البلدين، وعقد مشاورات ثنائية موسعة في صيغة ۲+۲ بين وزيري الخارجية والري للتنسيق حول مجمل العلاقات الثنائية وقضايا مياه النيل، بالإضافة إلى استمرار التنسيق في إطار الرباعية الدولية المعنية بالسودان للتوصل لحل سياسي شامل للصراع في السودان. أما علي الصعيد الإنساني، فقد تم إيفاد قافلة طبية نوعية ضمت ۱۳ طبيبا مصريًا قاموا بإجراء عمليات جراحية متنوعة لعدد من المرضي، فضلاً عن إرسال شحنة من الأدوية والمستلزمات الطبية تقارب طنا ونصف الطن، و ۲۰۰ أسطوانة أكسجين إلى الولاية الشمالية. كما أسفرت الجهود المصرية المكثفة عن تسوية عدد كبير من أوضاع الطلاب السودانيين الراغبين في الالتحاق بالجامعات المصرية، ومواصلة تقديم الرعاية الصحية والخدمية لمئات الآلاف من المواطنين السودانيين المقيمين في مصر، إضافة إلى تيسير العودة الطوعية للراغبين منهم إلى بلادهم إلى جانب استضافة الشركاء الدوليين للنظر في مشروعات إعادة الإعمار في الخرطوم، وذلك في إطار دعم مؤسسات الدولة الوطنية السودانية، والمساهمة في تهيئة الظروف الملائمة للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة تحفظ وحدة السودان وسلامة أراضيه.
وفي الإطار ذاته، واصلت مصر انخراطها النشط في التعامل مع الأزمات العربية الممتدة، حيث دعمت الحلول السياسية القائمة على الملكية الوطنية في ليبيا، من خلال التنسيق الوثيق مع دول الجوار، ولاسيما عبر إعادة تفعيل الآلية الثلاثية مع الجزائر وتونس، بما يهدف إلى توحيد المؤسسات الليبية، وخروج جميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة، وتهيئة المناخ لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل متزامن وحققت الجهود المصرية خلال عام ۲۰۲٥ نتائج ملموسة في ليبيا فى الشق القنصلي، حيث نجحت وزارة الخارجية في استعادة ۱۳۱ مواطناً مصرياً من أحد مراكز الاحتجاز، إلى جانب إعادة أكثر من ۱۱۳۲ مواطنا من المنطقة الغربية، وأكثر من ۱۵۰۰ مواطن من المنطقة الشرقية، وذلك في إطار متابعة مستمرة لأوضاع المواطنين المصريين وضمان عودتهم الآمنة إلى أرض الوطن.
واصلت مصر كذلك تحركاتها الدبلوماسية النشطة دعما لأمن واستقرار الدولة اللبنانية وصون سيادتها ووحدة أراضيها، انطلاقا من قناعة راسخة بأن استقرار لبنان يمثل ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة، حيث شهد عام ۲۰۲٥ تبادلاً للزيارات رفيعة المستوى بين الجانبين المصري واللبناني، بما عكس حرص القاهرة وبيروت على تعزيز قنوات التواصل المباشر، ودعم التنسيق السياسي إزاء مختلف القضايا الثنائية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك. وقد شملت الجهود المصرية تكثيف الاتصالات رفيعة المستوى مع مختلف الأطراف اللبنانية والإقليمية والدولية، والدفع نحو تجنيب لبنان مخاطر الانزلاق إلى دوامات التصعيد، مع التأكيد على دعم مؤسسات الدولة اللبنانية، واحترام سيادة لبنان وقراراته الوطنية. كما حرصت مصر على وقديم الدعم اللازم في المحافل العربية والدولية، بما يسهم في تعزيز قدرة الدولة اللبنانية على تجاوز المرحلة الدقيقة الراهنة والحفاظ على والاستقرار .
وعلى صعيد الأمن الإقليمي العربي، كان لمصر دور فاعل في الدفع نحو بلورة رؤية عربية مشتركة للأمن والتعاون في المنطقة، تُوجت باعتماد مجلس جامعة الدول العربية على المستوي الوزاري قرار "الرؤية المشتركة للأمن والتعاون في المنطقة"، الذي جسد توافقا عربيا على مبادئ حاكمة تقوم على احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، ورفض التدخلات الخارجية، وتسوية النزاعات بالطرق السلمية، وإنهاء الاحتلال باعتباره مدخلا أساسيا لتحقيق سلام عادل ومستدام.
وشهدت الأطر المؤسسيية للتعاون المصرى العربى نشاطاً غير مسبوق، فشهد عام ٢٠٢٥ نشاطًا ملحوظًا للجان العليا والمشتركة، حيث عُقدت خمس لجان عليا على مستوى رؤساء الحكومات مع كل من العراق والأردن وتونس ولبنان والجزائر، إلى جانب لجان مشتركة على المستوى الوزاري مع موريتانيا وسلطنة عمان وقطر، فضلا عن لجان حكومية وتجارية متخصصة مع البحرين والكويت. كما حرصت مصر على تفعيل آليات التشاور السياسي، من خلال انتظام دورات لجان المتابعة والمشاورات السياسية على مختلف المستويات، بما ضمن تنسيقاً استراتيجياً مستمراً للمواقف تجاه التحديات المشتركة وأسفرت هذه الآليات عن توقيع أكثر من ۱۰۰ وثيقة تعاون في مجالات متنوعة، شملت الاقتصاد والتجارة والاستثمار والطاقة والنقل والتعليم والثقافة، إلى جانب عقد منتديات أعمال ومجالس رجال أعمال مشتركة دعمت مسار الشراكات الاقتصادية العربية.
ويُعد تنظيم النسخة الأولى من منتدى التجارة والاستثمار المصري الخليجي بالقاهرة في نوفمبر ٢٠٢٥ أحد أبرز محطات هذا الحراك، حيث شكل منصة جامعة لتعزيز التكامل الاقتصادي، بمشاركة واسعة من كبار المسؤولين والمستثمرين من الجانبين، وأسهم في فتح آفاق جديدة للتعاون الاستثماري والتجاري.
ويعكس حصاد عام ۲٠٢٥ في مجمله نهجاً مصرياً ثابتاً يقوم على الدبلوماسية النشطة والعمل التراكمي والالتزام بالشرعية الدولية، ودعم مؤسسات الدول الوطنية، وتعزيز العمل العربي المشترك، بما يرسخ دور مصر كشريك رئيسي في صياغة مقاربات واقعية ومسؤولة للتحديات الإقليمية، ويؤسس لمرحلة أكثر استقراراً وتعاوناً في المحيط العربي خلال السنوات المقبلة.
